محتويات الموقع

الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

مرحى جسور الأمل والرجاء 2

مرحى جسور الأمل والرجاء 2
على هامش تدشين كبري البطانة (رفاعة ـ الحصاحيصا) 26 مايو 2009م


توطئة:
لا جدال في أن متطلبات التنمية المستدامة رهين بقيام العديد من الإنشاءات الهيكلية. وأهمها البنيات التحتية المتمثلة في قيام الطرق والكباري.. الخ. وآية ذلك أن هذه الهياكل الأساسية في حقيقتها عبارة عن وسائل وأدوات انتقال وربط من خلاله أو بواسطته تتفاعل الكوامن الموجودة وتتفجر الإمكانيات المتاحة بفضل التخطيط السليم والتدابير الإدارية والتنفيذية والعملية التي سوف تخلق التغيير المنشود الذي ينتظره الجميع.
والحقيقة أن هنالك العديد من المدن الحديثة التي كان قيامها ونشأتها رهين بقيام مشاريع تنموية كما هو الحال بالنسبة لمدينة الحصاحيصا التي ارتبطت نشأتها وتطورها بقيام مشروع الجزيرة والمناقل. بجانب خدمات النقل الحديدي وهكذا وجدت المدينة نصيبا وافرا من التنمية غير المتوازنة مقارنة بمنطقة رفاعة والشرق، إلا أن السعي وراء الاستفادة القصوى من قيام ألكبري ينبغي أن تخلق نموذجاً آخر فريداً في المنطقة بهدف الفائدة المشتركة على أن تصبح منطقة رفاعة والشرق امتداداً طبيعيا للتكامل المفترض قيامه مستقبلا والذي يستهدف كل مقومات التنمية في المنطقة للسعي لقيام تجمعات اقتصادية على غرار ما تطلبه الإستراتيجيات الخاصة واتجاهات المستقبل الحديث على الصعيد الاقتصادي.
معلومات أساسية:
يعّد كبري الحصاحيصا رفاعة واحداً من تحديات التنمية والتطوير في محليتي الحصاحيصا والبطانة على وجه الخصوص نظراً لما سوف يحدثه من تأثيرات ومتغيرات تساهم ي خلق بعث جديد ويعود بالنفع للمنطقة والمواطنين.
والكبري احد مشاريع الدولة الاتحادية والتنموية وتشرف عليه وزارة المالية الاتحادية بتمويل من شركة POLY الصينية بتكلفة قصوى قدرها 20مليون دولار ويتم التنفيذ بواسطة شركة السكة حديد الصينية.
وقامت شركة Tecnocon السودانية بالمهام الاستشارية وطول الكبري من الداخل وحتى المخرج 1200متر بالنظام الخراساني. وعرض الكبري 11 متر من مسارين للعربات ومسارين للمشاة.
والمنطقة التي أقيم عندها ألكبري تعتبر من المناطق الإستراتيجية الهامة من الناحية الاقتصادية، إذ تربط أهم مناطق الرعي والإنتاج الحيواني في البطانة والجزيرة باعتبارها اكبر مشروع زراعي للري الدائم في العالم. وبالطبع سوف تتعاظم أهمية المنطقة في المستقبل . إلا أن تشييد الكبري بمسارين فقط (مسار لكل اتجاه) يفتقر لبعد النظر مستقبلاً. فلم يحالف وزارة المالية التوفيق في ذلك وآية ذلك انه من المفترض أن يتم التنفيذ بأربعة مسارات أسوة بكبري العكد أم الطيور وكبري مروي كريمة، علماً بأن ألكبري تفوق أهميته كل الكباري التي تم تشييدها حتى الآن، وذلك نظراً لغنى المنطقتين التي يربط بينهما، وتشير التقارير بأن الفرق بين المسارين والأربعة مسارات حوالي الخمسة مليون دولار فقط.
التسمية:
قبل البدء في وضع أي تدابير للاستفادة من قيام الكبري يجب على الجميع أن يتوصلوا إلى اسم يتفق عليه يعكس رغبة الجميع في فتح آفاق التعاون والتفاهم حتى لا يصبح اسم رفاعة أو الحصاحيصا بدءاً هو بادرة خلاف، وعليه يمكن أن يحمل اسم تلك المنطقة التي سوف يحدث فيها التغير المنشود. ألا وهي البطانة أو تخليداً لأحد أعلام المنطقة مثل الأستاذ أحمد علي جابر وهو رائد من رواد التعليم بالسودان وأحد الذين بذلوا جهداً مقدراً لقيام هذا ألكبري أو أي اسم آخر يتفق عليه.
الخصائص المتاحة:
من المعلوم أن منطقة البطانة بمدنها وقراها المختلفة كانت ومازالت تعتمد في علاقتها بمدن ومناطق غرب النيل الأزرق (الحصاحيصا، مدني وغيرها). وأصبح النيل الأزرق واحد من العوامل الرئيسية التي ساهمت في شبه عزلة البطانة وشرق النيل لتركز التنمية والعمران في الضفة الأخرى من النيل الشيء الذي يجعل منطقة شرق الجزيرة والبطانة تعتمد على مدن الناحية الغربية من النيل (الحصاحيصا) والتي سوف تظل منطقة جاذبة لحركة الأموال والمواطنين بالإضافة إلى الاستثمار في الوقت الراهن ما لم تحدث متغيرات تجعل من مناطق الشرق أكثر جاذبية للأموال والأفراد والاستثمار.
ماذا يريد مواطن الشرق والبطانة من الحصاحيصا؟
أولاً: هنالك العديد من المشاريع المختمرة في أذهان إنسان الشرق حال دون تنفيذها عدم وجود الكبري والاعتماد على المعدية والتي تعمق شعوراً سلبياً غير مشجع. بتفجير الرغبات والاحتياجات الكبيرة.
ثانياً: تعتبر الحصاحيصا مركز اقتصادي للشرق والبطانة تتمركز فيه حركة تجارية وصناعية وحرفية تشكل جزءاً كبيراً من احتياجات إنسان الشرق والذي يزداد ارتباطه بسوق الحصاحيصا ولمزاولة العديد من المهن المختلفة والاستفادة من الخدمات الأخرى الصحية والتعليمية.. الخ.
ثالثاً: تتمتع الحصاحيصا بوجود أكبر شبكة طرق متقاطعة تصل إلى كل بقاع السودان عبر الطريق القومي الخرطوم ـ بورتسودان فضلا عن السكة حديد والطرق البرية الأخرى والتي من خلالها تطل مدن وقرى الشرق والبطانة على بقية مناطق البلاد.
رابعاً: تمثل العلاقات الاجتماعية بين مواطني المنطقتين جسراً من التواصل المستمر. يتجلى في الارتباطات الأسرية والولايات الطائفية والنزوع الديني والصوفي. وكل أشكال التصاهر الاجتماعي التي تجعل حركة الأفراد متوازنة وقد تزايدت معدلات حركة الانتقال من الغرب إلى الشرق أكثر مما كانت عليه في السابق.
ماذا يريد مواطن الحصاحيصا من الشرق؟
أولاً: بالنسبة للحصاحيصا سيمكن الكبري من امتداد المدينة شرقاً، الأمر الذي سيحل العديد من إشكالات الإسكان والتنمية الصناعية.
ثانياً: تمتاز سهول البطانة في الشرق بامتداداتها الواسعة بالإضافة لعدم وجود نزاعات تتعلق بالأراضي الرعوية مما يجعل الاستثمار في مجال الرعي وتربية الماشية أكثر جاذبية عما هو في بقية الأماكن.
ثالثاً: هنالك فوائض إنتاج في القطاع الزراعي بكافة أشكاله النباتي (خضر ـ فاكهة) والمحصولي. بالإضافة إلى إنتاج الأعلاف والتي يكثر عليها الطلب مما يبشر بفتح أسواق جديدة في الشرق وبالطبع يسهم ألكبري في تخفيض تكلفة النقل والمناولة والترحيل نحو الشرق والبطانة.
رابعاً: وجود طريق قومي من ناحية الشرق سوف يسهم إلى حد كبير في فك الاختناقات المرورية التي تحدث في طريق الخرطوم ـ مدني مما يجعل حركة النقل تزداد معدلاتها من الغرب نحو الشرق عبر ألكبري.
الخلاصة:
أن قيام كبري رفاعة ـ الحصاحيصا سوف يحدث العديد من المتغيرات على كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والإدارية والثقافية والأمنية. وفوق هذا وذاك فإن وسائل الانتقال والاتصال وغيرها من الهياكل الأساسية توحد الجسور وتسهل التمازج والانصهار بين قطاعات الشعب المختلفة. الأمر الذي يعزز الروابط القومية ويدعم بالتالي الوحدة الوطنية بالبلاد وآية ذلك أن سوء المواصلات عدا انه يقلل من فرص النمو الاقتصادي فإنه يؤثر سلباً على وحدة البلاد وتماسكها من الناحية الإستراتيجية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المؤلف

صورتي
عطبرة, نهر النيل, Sudan
مؤرخ وأستاذ مادة التاريخ بالجامعات السودانية